بسم الله الرحمن الرحيم
بارك سماحة آية الله العظمى السيد محمود الهاشمي(مدّظله) في بداية درسه في بحث الخارج الفقه حلول العام الدراسي الجديد لجميع طلبة الحوزة العلمية وفضلائها , وتعرض سماحته لبيان مجموعة من المهام والمسؤوليات المهمة التي يجب القيام بها في الحوزة العلمية والتي تقع على عاتق طلبة الحوزة العلمية وفضلائها.
وفي ضمن اشارته إلى الفارق بين الحوزة والجامعة من الناحية الجوهرية قال سماحته: إن الحوزة ليست كالجامعة فليس واجبها التحصيل العلمي فقط حتى تكون فترة العطلة فيها كالمؤسسات العلمية الاخرى.
مشيراً إلى أن الواجب الاساسي لطلبة العلوم الدينية في الحوزة ليس مجرد التحصيل العلمي وأنّ التحصيل العلمي لا ينحصر في الفقه والاصول المتعارف لدينا أيضاً بل إن من الضروري أن يتم التوجه في الحوزة العلمية إلى المباحث الحديثة التي تعتبر محل ابتلاء المجتمع، واضاف سماحته: مع أن الحوزة العلمية في قم المقدسة تعتبر من أكبر الحوزات العلمية في العالم الشيعي ولها من الافتخارات الكثيرة ولكن لما للحوزة العلمية من اهمية وما على عاتقها من مهمة في عصرنا الحاضر فنحن بحاجة إلى اهتمام أكبر فما زلنا في بداية الطريق وما زالت هناك مسافة كبيرة بيننا وبين الوصول إلى الحد المطلوب الذي يجب أن يتم طيه من خلال تنظيم دراسة وتخطيط دقيق مطلع على الحاجات والطاقات الموجودة في الحوزة العلمية.
وقد بين سماحته بأن التفقه في الدين الذي تمت الاشارة إليه في آية (النفر) وأكدت عليه هو اوسع من الفقه المتداول والدارج في حوزاتنا العلمية في الوقت الحاضر بل إن من اللازم القيام بانتاج علم وخلق نظام جديد في مختلف مجالات العلوم الانسانية كالحقوق والاقتصاد والسياسة على اساس التعاليم الدينية التي جاء بها الوحي من أجل الاجابة على جميع الاحتياجات البشرية في يومنا الحاضر. واضاف سماحته: إن تشكيل الجمهورية الاسلامية الإيرانية واهتمام العالم والمنطقة بها والضروريات الملحة في ادارة المجتمع دليل واضح على ضرورة خلق هكذا انظمة في مختلف المجالات وضرورة ايجاد الفقه المضاف ايضاً.
وقد نوه سماحتة إلى ضرورة الاجابة على الشبهات والهجمات الفكرية فيما يتعلق بجامعية الدين الاسلامي والقيم والتعاليم الدينية والمسائل الفقهية المختلفة واعتبرها من المهام الخطيرة التي تقع على عاتق الحوزات العلمية مؤكداً على ضرورة حضور الحوزة العلمية في هذه الميادين والاهتمام بها بشكل عميق.
وفي فقرة اخرى من كلامه اشار سماحة آية الله العظمى السيد الهاشمي(مدّظله) إلى الوظائف والمسؤوليات الاخرى في الحوزة العلمية في مجالات التبليغ والسياسة وادارة المجتمع، وفي ضمن تقديره للفعاليات المفيدة والمؤثرة لمراكز التحقيق العلمية في حوزة قم، اكد على اهمية ولزوم الالتفات إلى الرسالة الاصلية لطلبة الحوزة في برامج هذه المؤسسات وضرورة الاشراف والاتقان التام للقائمين على هذه البرامج ومديريها فيما يتعلق بموضوعات نشاطاتهم العلمية.
وفي معرض بيانه لضرورة انتاج العلم في المعارف الاسلامية، اكد على ضرورة ايجاد اجتهاد جديد وفعال يستطيع الاجابة على مقتضيات عصرنا الحاضر قليلها وكثيرها وذلك على اساس الاجتهاد الجواهري، وقد بيّن سماحته في هذا الصدد بعض العناصر الضرورية لمعرفة المواضيع المبنيّة على أساس الفهم الصحيح لكلام أصحاب الرأي وذوي الاختصاصات في مختلف العلوم الحديثة ودراستها وتحليلها بالشكل الصحيح من أجل الوصول إلى الحلول المناسبة.
وقد بين سماحتة في مقطع آخر من كلامه إلى ضرورة ملاحظة الحدث الأبرز في العالم العربي والاسلامي وهو الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الإمام الخميني(ره) وما اوجدته من تغييرات في المنطقة والانجازات والنجاحات الكثيرة التي حصلت لأيران في ضل تمسكها بمذهب أهل البيت عليهم السلام والثورة الاسلامية بحيث أصبحت ايران دولة عظمى في المنطقة لها دورها في المعادلات السياسية والعسكرية في العالم والمنطقة وبالاخص في مسألة سوريا، واصبحت في مرتبة واحدة مع روسيا في الرؤية العالمية، ومن خلال قدرتها في المنطقة تغلبت وانتصرت على رغبة الغرب وامريكا في الهجوم على سوريا.
وقد اشار سماحته إلى أن أي حزب أو حركة في العالم العربي تحركت في افق واحد مع الثورة الاسلامية اصبح لها حظ أكبر واصبحت مورداً لقبول الاخرين ونالت الفخر ووصلت إلى الهدف المنشود لها وتطورت يوماً بعد يوم ، واعتبر سماحته أن كل هذا الافتخار وهذه العزة والعظمة تنشأ من التمسك بالاسلام المحمدي الأصيل والمبتني على القراءة الصحيحة لمذهب أهل البيت عليهم السلام.
وفيما يتعلق بالحركات المشؤومة السلفية والتكفيرية التي قام بها البعض في مصر والتي أدت إلى شهادة خمسة من الشيعة المرتبطين بالثورة الاسلامية وحزب الله في لبنان، اشار سماحته إلى أن هذا الظلم الواضح والشر المعلن كان السبب في سقوط هذه الحكومة التي كانت تسعى بشتى الوسائل إلى حذف جميع مظاهر التشيع من مصر وبمجرد سقوطها انتشر الفكر الشيعي والكتب الشيعية المختلفة بين مختلف شرائح المجتمع المصري بسرعة كبيرة واصبحت مورداً لاستقبال الطبقات المختلفة في المجتمع المصري بحيث اصبحت هناك حركة فكرية شيعية خاصة في نشر الكتب الشيعية إلى درجة أن أعلن احد الشخصيات العلمانية المعروفة في مصر وبصراحة تامّة: انني من الناحية الفقهية اقبل الفقه الشيعي.
وفي ختام كلامه اشار سماحة آية الله العظمى السيد الهاشمي(مدّظله) إلى الدماء الطاهرة التي اريقت لتروي الفكر الثوري الشيعي والحكومة الاسلامية المقدسة في العالم الاسلامي ابتداءاً من الشهيد السعيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر(قدس) والشهيد السيد عباس الموسوي(ره) الامين العام السابق لحزب الله، وصولاً إلى شهداء الحرب المفروضة والذين صنعوا العزة والفخر العظيم للشيعة في عصرنا الحاضر والذين ندين لدمائهم الغالية في ذلك؛ متمنياً من جميع طلاب الحوزة العلمية وفضلائها أن يحفظوا حرمة هذه الدماء الطاهرة وأن يحرسوا حريمها بشكل جيد.