بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد (ص) وآله الطيبين الطاهرين
لقد ابتلي عالمنا اليوم بمرأىً وبمشهدٍ من الجميع بظاهرة مشؤومة وقبيحة الا وهي الارهاب، بل من اشد وأبشع انواعه، معتمداً في نهجه على اقسى وابشع وسائل الرعب والترهيب الغير إنسانية من قبل المجاميع التكفيرية التي تنتحل الاسلام ديناً لها لتعكس صورة كريهة وبغيضة عن دين الاسلام، دين الرحمة والمودة، ومن الواضح ان من ابرز وأنجح الوسائل والاساليب التي يتخذها اعداء الاسلام لمواجهة الاسلام وحذفه من دائرة المعادلات العالمية هو من خلال دعم وتقوية هكذا مجاميع ارهابية ضالة ذات افكار منحرفة مغايرة للاسلام والانسانية تتستر تحت غطاء عناوين مقدسة من قبيل الاسلام والجهاد كي تتمكن من تحقيق رأي جماعي ونظرة اجماعية عالمية ضد الاسلام وضد هذه العناوين والمفاهيم المقدسة للدين ومن خلال تصعيد داخلي وخارجي في آن واحد كي تتمكن من تضعيف قوة الاسلام والقضاء على قدرة العالم الاسلامي.
وفي ظل هذه الظروف فإنه يقع على عاتق علماء الاسلام مهمة خطيرة وفي غاية الاهمية الا وهي تبيين ونشر تعاليم الدين الاسلامي العظيمة ومفاهيمة المتعالية كما قام بها علماء الاسلام في الصدر الأول لظهوره من خلال وقوفهم وقفة واحدة على كافة المستويات الفكرية والثقافية في مواجهة أصحاب هذه الافكار التكفيرية وتكفيرهم وطردهم من كيان المجتمع الاسلامي وتسميتهم بالخوارج الذين يعتبرون الأب الروحي والفكري للتكفيريين في الوقت الحاضر.
هل من الممكن والمعقول ان نتصور الدين الذي يدعو في كتابه السماوي المقدس غير المسلمين من اصحاب الكتاب الى الوحدة والاتحاد مع المسلمين في الامور التي يشتركون فيها بقوله: ( قُل يا أَهلَ الكِتابِ تَعالَوا إِلىٰ كَلِمَةٍ سَواءٍ بَينَنا وَبَينَكُم أَلّا نَعبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشرِكَ بِهِ شَيئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعضُنا بَعضًا أَربابًا مِن دونِ اللَّهِ ) وما قاله الرسول الكريم (ص): ( من آذى ذمّياً فأنا خصمه ) يمكنه أن يأمر بقتل الابرياء صغاراً أو كباراً نساءً أو رجالاً مسلمين أوغير مسلمين ؟
كيف يمكن ان نتهم الاسلام بالقسوة والدعوة الى الحرب بينما القرآن الكريم يقول : (وان جنحوا للسلم فاجنح لها) ويقول أيضا: (ادخلوا في السلم كافة) ويشير في موضع اخر الى: (الصلح خير)، كيف يمكن ان نعتبر تفجير المفخخات وقتل الابرياء على حين غفلة جهاداً اسلامياً في حين ان نبي الاسلام (ص) وأهل بيته الكرام لا يجيزون مثل هذا القتل حتى بالنسبة لأعداء الاسلام : (الاسلام قيّد الفتك) ، بل كيف يمكن ان ننسب قتل الاطفال أمام أعين أبائهم وأمهاتهم الى هذا الدين الذي ينهى عن ذبح حيوان وقطع رأسه امام حيوان آخر ينظر أليه ؟ حيث ذكر: (أن امير المؤمنين (ع) كان لا یذبح الشاة عند الشاة، ولا الجزور عند الجزور و هو ینظر إلیه) كما نهى أن يقوم الانسان بذبح الحيوان الذي قام بتربيته كي لا يصاب بقسوة القلب ، بالاضافة الى منعه من ذبح الحيوانات في الليل استناداً الى قوله تعالى: (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا)، فجميع هذه الامثلة بل العشرات من هذه الامثلة الموجودة في القرآن الكريم والسنة الشريفة الحاكية عن عظمة الاسلام ومدى رأفته ورحمته ونظرته الانسانية لأغلب الامور تعد خير شاهدٍ على ضدّية هذه الحركات التكفيرية وحملة هذه الافكار الاجرامية المشؤمة مع الاسلام وعدم انتمائها له.
والشيء الذي يمكن الاعتماد عليه في هذا البين للغلبة التامة على هذه الافكار التكفيرية والتيارات الانحرافية هو اليقضة المتزايدة لدى علماء الاسلام لمعرفة جذور واسباب وعوامل حدوث وانتشار هكذا افكار انحرافية في عالم الاسلام للقضاء عليها بالاضافة الى المواجهة الفكرية والثقافية القاطعة مع هذه الافكار من خلال تبيين ونشر الفكر الاسلامي الصحيح والأصيل.
كما وينبغى على كافة علماء الاسلام ان يبينوا للعالم اجمع المخططات الشيطانية والمشؤومة للأنظمة الاستعمارية والاستكبارية في العالم وما تقوم به من حماية وتقوية لهذه الحركاة التكفيرية الاجرامية للاستفادة منها لتحقيق اهدافها ومقاصدها الاستعمارية ومخططاتها المشؤومة في المنطقة ودول العالم الثالث وأن يكون لهم تحليل دقيق وواقعي لهذه السياسات الكاذبة والمغلوطة التي تقوم بها هذه الانظمة الاستعمارية المستبدة ليتم بيانها للعالم اجمع ، باعتبار أنها وظيفة الهية وانسانية تؤكد عليها كافة الاديان السماوية وتريدها البشرية جمعاء وكافة الشعوب المظلومة في العالم.
اسأل الله لكم دوام التوفيق في خدمة المباديء والقيم الالهية والانسانية العالية.